الثلاثاء، يناير 03، 2012

حول نصوص توشيحية مسيحية قبل إسلامية في القرآن -- الحلقة 3

الأطروحة 2: وفقا لعبارة الأطروحة 1، فالنص المتسلم للقرآن يتضمن أربعة أنواع، أو طبقات، من النصوص. وهذه الطبقات الأربع هي:

الأولى، لأنها الأقدم تاريخيا، نصوص التراتيل التوشيحية المسيحية القب-إسلامية. وهذه تسمى "النصوص المسيحية سابقا."


الثانية، واللاحقة تاريخيا، نصوص التفسير الإسلامي الجديد المطبوع على الطبقة الأساسية من النصوص المسيحية سابقا. وهذه تسمى "النصوص القرآنية بقول ثاني."


الثالثة، والموازية تاريخيا للطبقة الثانية، النصوص الإسلامية النقية أصلا؛ أي بمعنى: تلك النصوص التي تنسب إلى النبي محمد. وهذه تسمى "النصوص القرآنية بقول واحد." تشكل هذه حوالي الثلثين من مجمل القرآن، والثلث الثالث هو النصوص المسيحية سابقا المتحولة إلى النصوص القرآنية بقول ثاني.
 

الرابعة، واللاحقة لمحمد تاريخيا، هي النصوص القرآنية بقول واحد التي رد-تفسيرها محررو القرآن بطريقة شوهت بها الأفكار الأصلية للنبي. هذه النصوص تدعى "نصوص محرري القرآن بعد محمد."

تحليل أبعد لهذه الطبقات النصية المختلفة الأربع.

(أ) المصطلحات العلمية الإسلامية للطبقات المختلفة من النص القرآني.

(1) المتشابهات: "النصوص التي تشبه شيئا آخر،" أو "النصوص التي تتضمن نواحي شتى من التفسير." هذه هي المعاني الأصلية للمصطلح، ولكنها فسرت لاحقا لتشير إلى "التعابير المشبهة بالبشر في القرآن،" ربما لحرف الانتباه عن النصوص المحرجة، كتلك التي تتضمن تراتيل مسيحية أصيلة.


(2) المحكمات: "النصوص المقررة، الصارمة، غير المبهمة." أصبح هذا يعني كل القرآن، ولكنه أصلا أشار إلى النوع الثالث من النصوص المذكور أعلاه، ذلك المنسوب إلى النبي من دون أي نص مسيحي سابقا يستبطنه.
 

(3) المفصل: "النصوص التي تفسر." لا بد أن هذا المصطلح كان جزءا من المحكم، لأنه ليست كل نصوص المحكم مفصلة، ولكن النص المفصل محكم دوما. إن كان المحكم يشير للطبقة الثالثة المذكورة أعلاه، فلا بد أن المفصل يشير للإيضاحات والتفسيرات المقحمة في نصوص الطبقة الأولى والثالثة لأجل تثبيت المعاني المفضلة لاحقا لهذه الطبقة، لمنع الفهم الأصلي من الظهور. لا بد أن هذه الإقحامات كانت ثمينة في وقت لم تكن النقاط المميزة وعلامات الإعراب مسموحة بعد في نصوص القرآن. مثال واضح على تفسير مقحم كهذا هو التوبة: 16.

(ب) حول المحتويات مميزة الخصائص للأنواع المختلفة في النص القرآني.

عند المحتويات المميزة للأنواع المختلفة في النص القرآني يأتي دور الجانب النقد-عقائدي من المنهج الثلاثي للولينغ. فهو يجادل بأن المحتوى الفكري الإسلامي الذي تم طبعه على طبقة الرسم الأساسية من النصوص المسيحية سابقا قد حددتها تصورات عربية وثنية بل، في الواقع، حددها الدين العربي القبلي في عصر قبل الإسلام، وأنه من هذا المنطلق تنحو هذه النصوص ضد العقائد المسيحية واليهودية. لا يعد لولينغ تصنيفه لهذه النصوص الإسلامية الأقدم كوثنية حطا منها بل تقييما إيجابيا: حيث يرى لولينغ المسيحية الأصلية، لا الكنيسة الهلينية التوحيدية-الامبراطورية، أنه رد-طفو للدين الوثني/القبلي الشعبي من حضيض دين الكادحين. لقد كانت، واقعا، إحياءً للدين السامي القديم والإسرائيلي القبلي القديم في الأماكن المقدسة والكروم المقدسة، حيث تفتحت هذه النِحلة عند مراقد الأبطال المسيحانيين البدئيين. تم اضطهاد وسحق هذا الدين القديم على يد الدين اليهودي الإمبراطوري ليهوه وبعد إحياءة وجيزة على يد يسوع، تم سحقه ثانية على يد المسيحية الإمبراطورية. يرى لولينغ أن هذا الدين القديم قد انتشر مبكرا جدا إلى المجتمع القبلي على مدى العربية، وقد بقي هناك حتى بداية القرن العشرين.

مناقضا لتصوير الإسلام المستقيم المتأخر للدافع المحوري للحركة البد-إسلامية، الذي يعرضه كهزيمة لوثنية وسط العربية، يرى لولينغ الحركة البد-إسلامية التي قادها محمد كحركة خرجت عن مسيحية وسط العربية، وتصوراتها التثليثية بالخصوص، تجاه الدين السامي الوثني/القبلي القديم، تحت شعار "عودوا إلى دين إسماعيل وبنيه." يستدل على هذا الانزياح تجاه الدين القبلي في رد-تفسير بد-إسلامي للطبقة الأساسية المسيحية الهيلينية لنص القرآن، خصوصا في تلك المقاطع التي تحارب "الجنة،" كرم الخصوبة العربي الوثني، الذي لعنته اليهودية تماما كتلك النِحلة عند الأماكن المقدسة. هذه القطع المسيحية الهلينية ضد-الوثنية، المحتواة أصلا في نص الرسم القرآني، رد تفسيرها كلها، فيما عدا الكهف: 40، على يد الآليات التحريرية للإسلام المستقيم المبكر، بحيث أصبحت "الجنة" الوثنية بالتالي تظهر كـ"الفردوس" الإسلامي المقدس، مع متعها الحسية الوثنية، التي تختلف بكل وضوح عن السماء المسيحية. مثال آخر على هذا الانزياح البد-إسلامي عن التصورات المسيحية هو أن نصوص الطبقة الأساسية المسيحية التي تشير إلى الخلاص في المسيح تم تعديلها لتنطبق على القرآن، أو تدعيمها من قبل المحررين بعلامات سلبية، فسرت بأنها تنطبق على خصوم النبي.

إن النصوص الإسلامية بقول واحد قد تأثرت أيضا بشكل ملحوظ بهذه الأفكار القبلية الوثنية العربية، ويمكن التعرف عليها قبل كل شيء في نصوص النثر البد-إسلامية المطبوعة على طبقة الرسم الأساسية للتراتيل المسيحية سابقا. تم إقحام مثل هذه النصوص بقول واحد كإيضاحات وتفسيرات ضمن رد-تفسير النصوص المسيحية، وتظهر أحيانا كنسخ جديدة وأنيقة نصيا أو نسخ بديلة عن نصوص غير متقنة قواعديا وقاموسيا، نتجت عن رد-التفسير الأصلي للنصوص التوشيحية. هذه النسخ الجديدة أو البديلة عادة ما توضع على مبعدة من أصولها غير المتقنة، التي تكررها بشكل أنيق لغويا. وهذا ما يولد الشك في أن هذه النسخ النصية الجديدة الأنيقة لم توضع بعيدا عن أصولها الخرقاء من ناحية المسافة النصية، بل أيضا من ناحية زمن التأليف. وهذا يعني أنها قد ألفت في وقت لاحق على التداخل الأصلي غير المتقن مع الرسم، الذي فرض ضرورة إنشائها لاحقا لغرض التوضيح.


المصدر:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق