الاثنين، يناير 02، 2012

حول نصوص توشيحية مسيحية قبل إسلامية في القرآن -- الحلقة 1

حول نصوص توشيحية مسيحية قبل إسلامية في القرآن:
نظرة نقدية إلى عمل غونتر لولينغ

ابن الراوندي


مقدمة:
ولد غونتر لولينغ في ڤارنا، بلغاريا عام 1928. وقضى الفترة الأولى من حياته الأكاديمية في جامعة إرلنغن، ألمانيا بين 1956 و 1961. كان مقصده الأساسي أن يعمل كلاهوتي على الثيمات اللاهوتية للقرآن، ولكن خضوعا لمعارضة أستاذه لهذه الفكرة، وافق على العمل على موضوع تبني العلماء العرب للعلم اليوناني. ونظرا لاستمرار العلاقة السيئة بينه وبين أساتذته، أجبر على مغادرة الجامعة عام 1961، "دون أي إنجاز يذكر في تلك الأعوام." (1)

ولكن هذه التجربة السيئة كانت، في الواقع، نعمة متنكرة، لكونها قادته لنيل وظيفة مدير معهد غوته في حلب، سوريا، في الأعوام 1962 إلى 1965. وهناك تعلم ما لم يكن ليتعلمه لو بقي في الحياة الأكاديمية في جامعة ألمانية: ألفة عميقة مع العامية العربية. وقد ظهر لاحقا أن معرفة العامية العربية كانت من المتطلبات الأساسية لتحليل النص القرآني نقديا. عام 1966 اغتنم لولينغ الفرصة ليعود للحياة الأكاديمية في ألمانيا: أولا كأستاذ مساعد في قسم الطب في إرلنغن، مشرفا على الدراسات في تاريخ الطب القديم والعربي القروسطي، ومن ثم تحول في نهاية 1967 إلى منصب أستاذ مساعد في معهد إرلنغن للدراسات العربية والإسلامية. وهنا كان في موقع يمكنه من متابعة التوجه الانتقاد-عقائدي للقرآن الذي رغب فيه دوما. (2)

النتيجة الرئيسة لبحث لولينغ كانت أنه خلف حوالي ثلث النص القرآني توجد تراتيل توشيحية مسيحية ضد-تثليثية، تعود إلى بداية القرن السادس ب.ح.ش، قبل قرن تقريبا من بعثة محمد؛ حيث الخلفية المفترضة لهذا الاكتشاف هي وسط-العربية المسيحي في الغالب، بما في ذلك مكة، كعبة، وقريش مسيحية. عام 1970 قدم لولينغ أطروحة من 170 صفحة حول بحثه كأطروحة دكتوراه. والتقارير الرسمية حول الأطروحة كانت متحمسة، إذ تقول: "إن البرهان على بد-نصوص توشيحية، يمكن رد-بنائها، يمكن عده مؤكدا.. هذا العمل يضع تاريخ أصل الإسلام وتاريخ عقائديات المسيحية المشرقية المبكرة في أبعاد جديدة،" وكرّم بالتالي بأعلى درجة ممكنة ’عمل متفوق.‘ ولكن خلال أسبوعين، تغيرت لهجة سلطات الجامعة وتم إعلامه أنه لا يمكنه أن يأمل في فرصة ما بعد الدكتوراه التي وفرتها له درجة ’عمل متفوق.‘ وفقا للولينغ، فقد استثارت أفكاره غضب أستاذ العربية أنتون شپيتالر من ميونخ، وهو قائد مدرسة الفيلولوجيا النقية بين دارسي العربية الألمان. رفض سبيتالر التخلي عن المنهجية التقليدية في الحكم على القرآن بقواعد العربية الكلاسيكية، وخشي أن نتائج لولينغ سوف "تقلب بالتأكيد رأسا على عقب كل الأفكار الموجودة اليوم حول تاريخ أصل، نص، ومحتويات القرآن." كان تأثير شپيتالر كبيرا لدرجة أن في نهاية 1972 تم فصل لولينغ رسميا من جامعة إرلنغن. (3)

ولكن تطبيق هذا القرار أمكن تأجيله بمرافعات قانونية ضده، وهذا المسار هو ما اختاره لولينغ. وقد شجعه في هذه الحركة دعم خبير القرآن الفرنسي ريجي بلاشير. فبعد دراسة أطروحة لولينغ، كتب له بلاشير: "زميلي الموقر جدا. بهذا الطريق (أي، بطرق لولينغ) يستمر تقليد تلك المدرسة البحثية الألمانية التي ندين لها بتقدير وامتنان وافرين. آمل أنه بفضل جيلك ستستمر خصوصية فضولية ذات أهمية عالمية تجاه الدراسات الإسلامية، وحدها توفر فرصة لفهم عالمي للمشكلات." لسوء الحظ، توفي بلاشير بعد عدة شهور من كتابة هذه الرسالة، ولكن لولينغ استمر في الدفاع عن قضيته. ففي عام 1973 قدم كامل مجموعته من النصوص المسيحية التوشيحية المستردة، تحت عنوان ’حول النصوص الشعرية التوشيحية المسيحية القب-إسلامية في القرآن،‘ إلى قسم الفيلولوجيا في إرلنغن كأطروحة ما بعد الدكتوراه، الضرورية لاستمرار مسيرته الأكاديمية. وفي فبراير 1974، صوت ضدها أيضا أكثرية أعضاء القسم، وفقا للولينغ، بعد تسييس كبير من طرف جبهة "الفيلولوجيا النقية." نوقش هذا القرار في المحكمة، ولكن دون جدوى، وفصل لولينغ نهائيا من الجامعة في يوليو 1978. (4)

ولكنه عام 1974 قام بنشر أطروحته تحت عنوان ’حول القرآن البدئي،‘ التي لاقت قبولا حسنا لدى كثيرين خارج المؤسسة الأكاديمية في ألمانيا. وهذا هو العمل، الذي تم مراجعته وتوسيعه للنسخة الإنجليزية تحت عنوان ’حول النصوص الشعرية المسيحية القب-إسلامية في القرآن،‘ الذي يشكل أساس العرض والنقد الحالي لأفكار لولينغ. وبالإضافة، فقد نشر لولينغ أيضا عملا حول النبي محمد: ’إعادة اكتشاف النبي محمد،‘ الذي سيشار إليه أحيانا.



المصدر:


الهوامش:

(1) See G. Luling, "Preconditions for the Scholarly Criticism of the Koran and Islam, with some Autobiographical Remarks," Journal of Higher Criticism 3, No.1 (spring 1996): 81.
(2) Ibid., pp. 89-90.
(3) Ibid., p. 95.
(4) Ibid., pp. 96-99.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق